التّخلّفُ داءٌ لا دواء له - يدبحون خروف ليطردون النحس

بواسطة Anonymous بتاريخ Tuesday, November 19, 2013 | 6:34 PM

التّخلّفُ داءٌ لا دواء له - يدبحون خروف ليطردون النحس

ذُهلتُ وأنا أقرأ خبرَ ذبْح خروف، قبل أسبوع، بحضور ممثلين عن السلطات المحلية، وممثلين عن وزارة الطاقة والمعادن، عند النقطة التي ستباشر فيها إحدى الشركات الأجنبية عمليّة التنقيب عن الغاز نواحي مدينة الصويرة؛ ممثلة الشركة الأجنبية المكلفة بعملية التنقيب لم يعجبها الأمر، حسب ما أوردته الصحف، وانسحبت، فيما استمرّ المغاربة في "طقسهم الجاهليّ"، وذبحوا الخروف، وأكلوا لحمه، وكلّ هذا من أجل "طرد النحس". أهُناك أمّة أكثر نحْسا من هذه؟!
إنّه لَمِن العار أن نشاهد الصور الحيّة التي يرسلها الإنسان الآلي الذي أرسلته وكالة الفضاء الأمريكية (نازا) إلى المريخ، ونتتبّع ما وصل إليه الغرب من تقدّم هائل في مجال العلم، فيما ما نزال نحن، نقدّم، وقد انقضت العُشرية الأولى من الألفية الثالثة يا حسرة، القرابين إلى الأرض لتجود علينا بخيراتها. إنّ مثل هذه الأفعال والممارسات الغارقة في الجهل والتخلّف تعبّر بجلاءٍ عن أنّنا أمّة تعيش في القرن الواحد والعشرين، لكن بعقلية تعود إلى العصر الجاهليّ!
القرابين عادة جاهلية، واستمرار تمسّكنا بهذا النوع من العادات السيّئة دليلٌ ما بعده دليل، على أنّنا أمّة جاهلة، رغم كل مظاهر الحداثة المزيّفة التي تغلّف الواقع؛ ودليل أيضا على فشل منظومتنا التعليمية، التي تحارب، إلى حدّ ما، الجهل الأبجدي، لكنها لا تحاربُ الجهل الساكنَ في عقول الناس، وفي لا وعْيهم، لذلك فإنّ مشهد ذبح الخروف "طردا للنحس"، قبيْل مباشرة عملية التنقيب عن الغاز في نواحي الصويرة، ليس سوى مشهدٍ مُصَغّرٍ للتخلّف العامِّ الذي تستظلّ بظلّه المملكة الشريفة!
لنعُد الآن إلى حيثيات ذبح الخروف، ونتساءل: ما الدّاعي إلى ذبحه؟ وبماذا ستفيد إراقة دمه على النقطة التي ستنطلق منها عملية التنقيب عن الغاز؟ إذا كان هناك غاز فإنّ آلات الحفر هي التي ستستخرجه، وليس دم الخروف، وإذا لم يكن هناك غاز فلن يفيد دم الخروف الذي تمّ ذبحه، ولا دماء قطيع الأغنام والأبقار الذي يتوفّر عليها المغرب، ولو تمّ ذبحه عن آخره، لكنّ هؤلاء القوم لا يعقلون!
قبل يومين كنت في ندوة لوزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، الحسن الداودي، قال فيها إنّ المغرب متخلف جدا في مجال البحث العلمي، وأضاف أنّ وزارته مستعدّة لضخّ مزيد من الأموال لتمويل مشاريع البحث، وهذا جميل، بل مطلوب، لكن السؤال الذي يجب طرحه، هو كيف يمكن أن يتقدّم البحث العلميّ في دولة يؤمن شعبها بالخرافة؟ ونحن نرى كيف يتم ذبح الخرفان لتكون عملية التنقيب عن النفط "مباركة"؟
إنّ ما يحتاج إليه المغرب قبل أي شيء آخر، هو أنْ يهدم أسس المنظومة التعليمية المتخلفة الحالية، ويضع أساسَ منظومة تعليمية جديدة، متطوّرة، وحديثة، تفتّح عقول التلاميذ والطلبة، وتشجّعهم على البحث، الذي يقتضي إعمالَ العقل والفكر، عوض حشْو عقولهم بمضامين مقررات يردّدونها كالببغاوات؛ ما عدا ذلك، سيظلّ حالنا على ما هو عليه الآن، وسيظلّ التخلف المغربي داءً مزمنا لا دواء له!

0 التعليقات:

Post a Comment